كانت قبائل جرهم تحكم الحرم، وكثر فيهم الفساد والبغاء والحرام
وكان فيهم رجل من ساداتهم يدعى المضاض بن عمرو ينكر عليهم ويخوفهم من أن الله يسلط عليهم من يخرجهم من الحرم
فيستهترون فيه، ويقولون: "نحن أكثر العرب وأعزهم، لا أحد يقدر علينا"
ومرت الايام وكثر الفسق فيهم حتى سلط الله عليهم مرض أفنى أغلبهم، وجائت خزاعة مستغلةً ضعفهم
فاخرجتهم من الحرم إلى البادية
وكان المضاض بن عمرو يشتاق إلى بلاده مكة، ويعوف أودية البادية وعواء الذئب فيها وإنعدام الأمان
فلما أشتد الشوق فيه
ذهب إلى خزاعة ورجاهم أن يجعلونه يسكن معهم لوحده فقط لا غير
ولكنهم أبوا عليه ذلك .. وأستهتروا بضعفه من بعد عز فقال أحدهم:
وادٍ حرام طيره ووحشه
... نحن وليناه فلا نعشه
وأبن مضاض قائم يمشه
... يأكل ما يهدي له نقشه
فلما رأى هذا المضاض، قال قصيدة مثيرة للشجون يخاطب فيها أبنته ويبكي فيها دياره ويبدي ندمه:
وقائلةٌ والدمع سكب مبادرِ
... وقد شرقت بالدمع منها المحاجرِ:
"كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
... أنيسًا ولم يسمر بمكة سامرِ"
فقلت لها والقلب مني كأنما
... يلجلجه بين الجناحين طائرِ:
بلى نحن كنا أهلها، فأزالنا
... صروفُ الليالي، والجدود العواثرِ
وكنّا ولاة البيت من بعد نابت*
... نطوف بذاك البيت والخير ظاهرِ
ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا
... فليس لحي غيرنا ثمّ فاخرِ
ألم تنكحوا من خير شخص علمته؟
... فأبناؤه منا، ونحن الأصاهرِ
فإن تنثن الدنيا علينا بحالها
... فإن لها حالًا، وفي التشاجرِ
فأخرجنا منها المليك بقدرةٍ
... كذلك -يا للناس- تجري المقادرِ
فسحت دموع العين تبكي لبلدةٍ
... بها حرم أمن وفيها المشاعرِ
*نابت بن إسماعيل عليه السلام: كان حاكم مكة بعد أبيه، فلما مات كان أبناءه أطفالًا فآل حكم مكة لأخوالهم جرهم
وكان فيهم رجل من ساداتهم يدعى المضاض بن عمرو ينكر عليهم ويخوفهم من أن الله يسلط عليهم من يخرجهم من الحرم
فيستهترون فيه، ويقولون: "نحن أكثر العرب وأعزهم، لا أحد يقدر علينا"
ومرت الايام وكثر الفسق فيهم حتى سلط الله عليهم مرض أفنى أغلبهم، وجائت خزاعة مستغلةً ضعفهم
فاخرجتهم من الحرم إلى البادية
وكان المضاض بن عمرو يشتاق إلى بلاده مكة، ويعوف أودية البادية وعواء الذئب فيها وإنعدام الأمان
فلما أشتد الشوق فيه
ذهب إلى خزاعة ورجاهم أن يجعلونه يسكن معهم لوحده فقط لا غير
ولكنهم أبوا عليه ذلك .. وأستهتروا بضعفه من بعد عز فقال أحدهم:
وادٍ حرام طيره ووحشه
... نحن وليناه فلا نعشه
وأبن مضاض قائم يمشه
... يأكل ما يهدي له نقشه
فلما رأى هذا المضاض، قال قصيدة مثيرة للشجون يخاطب فيها أبنته ويبكي فيها دياره ويبدي ندمه:
وقائلةٌ والدمع سكب مبادرِ
... وقد شرقت بالدمع منها المحاجرِ:
"كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
... أنيسًا ولم يسمر بمكة سامرِ"
فقلت لها والقلب مني كأنما
... يلجلجه بين الجناحين طائرِ:
بلى نحن كنا أهلها، فأزالنا
... صروفُ الليالي، والجدود العواثرِ
وكنّا ولاة البيت من بعد نابت*
... نطوف بذاك البيت والخير ظاهرِ
ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا
... فليس لحي غيرنا ثمّ فاخرِ
ألم تنكحوا من خير شخص علمته؟
... فأبناؤه منا، ونحن الأصاهرِ
فإن تنثن الدنيا علينا بحالها
... فإن لها حالًا، وفي التشاجرِ
فأخرجنا منها المليك بقدرةٍ
... كذلك -يا للناس- تجري المقادرِ
فسحت دموع العين تبكي لبلدةٍ
... بها حرم أمن وفيها المشاعرِ
*نابت بن إسماعيل عليه السلام: كان حاكم مكة بعد أبيه، فلما مات كان أبناءه أطفالًا فآل حكم مكة لأخوالهم جرهم
ماجاء في الشوق إلى الديار والندم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق